روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات ثقافية وفكرية | بين المدير والقائد.. جوهر الإدارة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات ثقافية وفكرية > بين المدير والقائد.. جوهر الإدارة


  بين المدير والقائد.. جوهر الإدارة
     عدد مرات المشاهدة: 2965        عدد مرات الإرسال: 0

يمكنك التمييز بين المدير والقائد من خلال الاطلاع على الأوراق التي بين يديه، فإذا وجدتها تفيض على وجه مكتبه، عرفت بأنه مدير يجهل فنَّ التفويض.

وحين تفحص الأوراق جيدا، فتجدها عبارة عن مراسلات رتيبة، ومعاملات يومية، ستجزم بأنه ليس قائدا..!

إن من يظن بأن امتلاء السلال المكتبية بالمعاملات يعني كثرة الإنتاج فهو مخطئ بالتأكيد، بل إن ذلك يعني أحد أمرين؛ إما ضعف القدرة على اتخاذ القرار بسبب التأجيل والتسويف والوسوسة الإدارية، وإما عدم وجود تفويض بقدر كاف في المؤسسة، وبهذين الأمرين تتخلف المؤسسة كلها.

والتعامل اليومي مع الأوراق العادية التي تأتي من المكاتب الإدارية وتنتظر مصادقة الإدارة لا تعطي أي تميز لهذه المؤسسة.

بل التميز هو أن تجد ـ باستمرار ـ أوراق مشروع جديد، يمثل توسعا في العمل، أو خط إنتاج جديد، أو تطويرا في الآليات، أو اختصارا في الإجراءات، أو تنمية للعاملين، أو مثل هذا وذاك؛ مما يعود نفعه على المستفيدين..

إن من المدراء من يديره موظفوه دون أن يشعر، فهم الذين يملون عليه ما يرغبون، وهم الذين يحددون جدوله اليومي، وكل ما يصنعه هو أن يوقع أوراقهم، ويجيب عن أسئلتهم، وإن قبل أو رفض ما يعرض عليه.

وظن أنه بهذا يقود مؤسسته!! كلا، فما صنعه جزء عادي جدا من مهامه، ولكن القيادة تعني أن يرتاد بمؤسسته أرضا بكرا، ويحلق بهم في أفق لم يطيروا في أجوائه، أن يرسم خارطة المستقبل بمعونتهم، ويتأكد ـ باستمرار ـ بأنه يسير في الاتجاه الصحيح؛ حتى لا ينحرف الطريق بهم عن الهدف المنشود.

وإنك لتلاحظ نوعين من المدراء؛ نوعا يتواصل مع موظفيه ومنسوبي إدارته بطريقة (المدير المتجول)، وهي طريقة جيدة، جديرة بالتمثل، ولكنه يسرف في ذلك؛ حتى لا تكاد تجده في مكتبه، فيفوت على بقية الموظفين والمستفيدين من خارج المؤسسة فرصة اللقاء به؛ لقضاء مصالحهم.

ونوعا آخر قد زرع في كرسيه كشجرة النبق، لا يكاد ينفصل عنه أبدا، حتى آخر لحظة من الدوام، ولذلك فهو لا يعلم بحقيقة الواقع الذي عليه مؤسسته، ومثل هذا قد يتفاجأ في يوم من الأيام بما لا تحمد عقباه.

وإذا كانت المتغيرات الاجتماعية تتسارع وتؤثر في مسار العمل والإنتاج، فإن من الضرورة أن يصطحب القائد منظار التنبؤ بالمستقبل، والتدرب على حس الحدس؛ برؤية بعيدة المدى، تتكئ على ما جرى وما يمكن أن يجري.

وقد قال هنري فايول: "جوهر الإدارة قوة التنبؤ قبل حدوث الأشياء". وهي عملية تتطلب ـ كذلك ـ امتلاك المؤسسة لنظم قابلة للمراجعة والتجديد، وإلا فإنها ستهرم بسرعة، وتعود طفلة من جديد، ليس بعرام الطفولة وحيويتها، وإنما بشتاتها وضعفها، لكيلا يعلم بعد علم شيئا، وهنا تفقد المؤسسة امتيازها وموقعها الذي تسنمته يوما من الأيام.

وللآخرين دور خطير في دفع المؤسسة إلى تضاعف الإنتاج والجودة، حين تمكن المختصين الناصحين من دعم انطلاقتها بالنقد البناء من خلال ورش عمل حرة، بدلا من التقهقر إلى الوراء حين تستجيب لمن يثبطها، ويبطئ بخطواتها بحجج شتى.

"ليس من العسير أن تنطلق إلى أهدافك البعيدة بأمل وعزم ونشاط، ولكن العسير أن تحتفظ بأملك وعزمك ونشاطك إلى آخر الشوط" الشاعر عصام العطار.

الكاتب: د. خالد بن سعود الحليبي

المصدر: موقع المستشار